اخبار الفن

اخبار الحوادث

Wednesday, October 29, 2008

«سيخ الحديد» يهزم «عرق الخشب» ويرفض التنازل عن عرش البناء


كماً مهملا كان لعشرات السنوات في مصر، دون أن يلتفت لدوره في عملية البناء أحد، علي اعتبار أن وجوده من المسلمات التي لا يستحق التوقف عندها، إلا أن القدر شاء أن يمنحه الاهتمام الذي يستحقه في بداية العام الماضي حينما بات الوصول إليه صعباً، وتزايد الاهتمام به بعد أن نجح في التأثير علي حركة بيع العقارات في مصر.
ذلك هو «سيخ الحديد» الذي عادت أسعاره للتراجع بشدة في الأيام الأخيرة ليصل سعره المعلن من قبل شركة حديد عز التي تحتكر إنتاج نحو نصف الإنتاج المصري إلي ٣٩٠٠ جنيه مصري بعد أن قاربت في شهور الصيف الماضي حاجز ٨٠٠٠ جنيه مصري.
الحديث عن سيخ الحديد الذي بات من ركائز عمليات البناء في مصر، يعود إلي بدايات الثلاثينيات من القرن الماضي، حينما تم البدء في استخدامه في التشييد بعد أن كان المعمار المصري يعتمد علي الحجارة والخشب فقط، من دون الأسمنت وأسياخ الحديد التي بدأ استخدامها مع تشييد العقارات الضخمة والعالية كما يقول المعماريون.
وقد عرفت مصر صناعة الحديد والصلب مع بداية الخمسينيات، حينما شيدت عدداً من المصانع نصف المتكاملة لتشكيل الحديد، اعتمدت فيها علي حديد الخردة المتخلف من الحرب العالمية الثانية.
بعدها كان التفكير في تشييد مصنع متكامل لتصنيع الحديد، فكان مصنع «حلوان للحديد والصلب» الذي اعتمد إنتاجه علي خام الحديد المستخرج من أسوان، ومع تزايد الحاجة لحديد التسليح في بداية الثمانينيات التي شهدت اتساع حركة العمران، كان إنشاء مصنع حديد الدخيلة بغرب الإسكندرية، وإلي جانب هذين المصنعين بات في مصر كذلك نحو ٢٥ مصنعاً نصف متكامل، يعتمد أربعة منها علي صهر الخردة لإنتاج العروق ثم تشكيلها لأسياخ،
أما بقية المصانع فتعتمد علي البليت في إنتاجها ليكون الناتج النهائي ٥.٧ مليون طن سنوياً، قدر الاستهلاك المحلي منها في العام ٢٠٠٧ بنحو ٤.٥ مليون طن. ويمر إنتاج الحديد بمرحلتين تشهد الأولي تحويل المادة الخام إلي حديد غير مشكل، وهو ما يعرف باسم خام البليت، الذي يشكل بصوره المختلفة في المرحلة الثانية من التصنيع ليكون جاهزاً للاستخدام.
لم يكن العثور علي سيخ الحديد مشكلة حتي العام ١٩٩٩ حين ظهر علي الساحة إمبراطور الحديد المصري أحمد عز صاحب شركة عز لحديد التسليح، الذي نجح في شراء نحو ٦٧% من أسهم مصنع حديد الدخيلة ودمج شركته في شركة الدخيلة تحت اسم «شركة عز الدخيلة للحديد والصلب»، وهو ما نتج عنه منع جميع شركات تصنيع الحديد في مصر من الاستفادة من الخام الذي تنتجه شركة الدخيلة.
ليصبح عز صاحب الكلمة الأولي والأخيرة في عالم الحديد، ويكون اعتماد الشركات الأخري في إنتاجه علي استيراد خام البليت، وإعادة تصنيع الحديد الخردة. ورغم حالة التعايش التي شهدتها الأسواق في عالم الحديد علي مدار السنوات الست الأولي من الألفية الثالثة، إلا أن سعر الحديد علي مدار العام ٢٠٠٧ و٢٠٠٨ كان سبباً لانزعاج المصريين لتأثيره الواضح علي حركة شراء العقارات، وهو ما دفع بالحكومة، تلبية لضغوط عديدة، للإسراع بإصدار قانون منع الاحتكار الذي لم يطبق علي شركات الحديد حتي يومنا هذا.
ورغم ذلك واصل سعر الحديد ارتفاعه بشكل أرجعه المحللون إلي تزايد الطلب العالمي عليه حيث بلغ سعر طن الخام منه إلي ١٢٥٠ دولاراً أي ما يقارب ٨٠٠٠ جنيه مصري، إلا أن تراجع أسعار البترول وانخفاض الطلب علي خام الحديد كان سبباً في تراجع أسعار أسياخه في الأسواق، ليبلغ سعر طن الخام منه مؤخراً ٣٥٠ دولاراً وهو ما يعادل ٢٠٠٠ جنيه مصري، وهو ما أثر علي أسعار بيع الحديد في مصر أيضاً ليباع طن الحديد بـ٤٢٠٠ جنيه، ومن المتوقع تراجعه إلي ٣٠٠٠ جنيه في غضون الشهر الحالي حسب توقعات الخبراء.
ورغم انتهائه محشوراً بين خلطات الأسمنت والرمل في أعمدة المنازل وأساساتها، إلا أن سيخ الحديد يجد من يطالب بالتخلي عن استخدامه والعودة لطرق البناء القديمة بالخشب والحجارة، فهل يختفي سيخ الحديد من معمارنا أم أنه بات من الصعب التخلي عنه لصالح عرق الخشب؟

No comments: