اخبار الفن

اخبار الحوادث

Tuesday, January 6, 2009

مصر بين حماس في غزة واتفاقية المعابر


ازداد في الفترة الاخيرة الجدل حول معبر رفح، بل واصبح من الاخبار الاساسية في الشأن الفلسطيني منذ الخروج لقوات الاحتلال الاسرائيلي من غزة وسيطرة حماس علي قطاع غزة.
تاريخيا
ترجع مشكلة رفح تاريخيا الي عام 1967 عندما احتلت إسرائيل كلا من قطاع غزة وسيناء وبالتالي لم يكن يفصل بين رفح المصرية والفلسطينية أي حدود، وتشكلت علاقات اجتماعية كبيرة بين سكان رفح المصرية والفلسطينية.
وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 وتنفيذ الشق الخاص برسم الحدود الفلسطينية المصرية تم فصل رفح المصرية عن رفح الفلسطينية وبالتالي تم تشتيت العائلات وفصلهم عن بعضهم البعض مما أدى إلى خلق كارثة إنسانية وخاصة بعد أن تحكمت إسرائيل بمعبر رفح وأصبح القوات الإسرائيلية تمنع مرور الفلسطينيين من خلال هذا المعبر.
ولكن رغم خروج اسرائيل من قطاع غزة الا انها هي المسيطرة على المعابر البرية والبحرية والجوية مما يجعل قطاع غزة رغم الانسحاب الإسرائيلي سجنا كبيرا .
وادراكا للاوضاع الجديدة صادقت الحكومة الإسرائيلية على بروتوكول محور صلاح الدين المسمى "فيلادلفي"، القاضي بنقل المسؤولية الأمنية على الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر إلى الأجهزة الأمنية المصرية، ونشر 750 عنصراً امنياً مصرياً فيه بعد 26 عاماً من توقيع "كامب ديفيد " حيث كانت المعاهدة تلزم مصر بوجود قوات قليلة العدد والتسليح في سيناء وانتشار على طول الحدود بين مصر وإسرائيل قوات دولية وقوات مصرية صغيرة جدا .
وفي نوفمبر 2005 تم توقيع اتفاقية المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وكانت تتولى السلطة الفلسطينية السيطرة الأمنية على معبر رفح، ولكن بإشراف مراقبين أوروبيين على حركة المرور فيه.
ومنذ سيطرة حماس علي قطاع غزة منتصف يونيو عام 2007 ومعبر رفح مغلق باستثناء الحالات الطارئة والإنسانية أمام الجرحي والمصابين والعالقين وذوي الإقامات في الخارج.
جدال
منذ أن بدأ القصف الاسرائيلي الوحشي علي قطاع غزة في السابع والعشرين من ديسمبر اتجهت الانظار الي مصر بضرورة فتح المعبر ، واصبح مصر في واجهة الاحداث اكثر من اي وقت مضي لانها تستطيع (تريد) ان تتخذ مواقفا اكثر شدة تجاه اسرائيل .
لكن من الناحية الاخري تصر مصر علي ان قضية فتح المعبر تحكمها اتفاقية المعابر الموقعة عام 2005 كما انها تخشي علي امنها القومي من تدفق الفلسطينيين الي سيناء بشكل كبير كما حدث في يناير من العام الماضي.
القاهرة وعلي لسان وزير خارجيتها احمد ابو الغيط تردد دائما انها تخشي من محاولات اسرائيلية لفصل غزة عن القطاع عززها التناحر بين السلطة وحماس فمن جانبه قال ابو الغيط "هناك محاولة اسرائيلية غير خافية على مصر ومنذ سنوات ومنذ عام 1981 للسعى لفصل غزة عن الضفة الغربية ، وهناك طرح إسرائيلى بأن تأخذ مصر غزة ويأخذ الأردن الضفة الغربية، وبذلك تنتهى القضية الفلسطينية".
وأضاف أنه "وفى عام 2004 تم لإعادة هذا الطرح من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها ارئيل شارون حيث رفضته مصر والأردن أيضا هذا الطرح..هذه هى المرة الثالثة التى تحاول فيها إسرائيل فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة".
وأوضح أبو الغيط أن "هذا الفصل يتم خطوة خطوة حتى يصل الإسرائيليون إلى النتيجة التى يريدونها وذلك من خلال تسهيل الصدام بين الفلسطينيين بعضهم البعض، وهو ما حدث بالفعل فقد أصبح لدينا سلطة شرعية فى الضفة الغربية وكذلك مجموعة مسلحة مسيطرة على قطاع غزة".
كما تخشي القاهرة من تنصل اسرائيل من مسئولياتها تجاه القطاع "أنهم يقولون الآن لمصر فلتفتحوا المعابر أمام غزة، وهنا ستأتى إسرائيل لتقول بالتالى أنا من جانبى ليس لى علاقة ومسئوليات وقد أصبح هؤلاء فى غزة معتمدين على مصر فى الغذاء والكهرباء والوقود وغيره ولتتحمل مصر مسئوليتهم ، ويظل هؤلاء فى غزة فى صدام مع الضفة ونجد أنفسنا وقد أصبح لدينا وضع انقسام للدولة الفلسطينية بين الضفة الغربية وغزة".
من جانبها تطالب حماس بأن يكون المعبر فلسطينيا مصريا وترفض أي تدخل إسرائيلي أو خارجي فيه، محذرة من انفجار شعبي إذا لم يتم رفع الحصار وفتح المعبر بطريقة رسمية.
وبعد المجزرة الاسرائيلية الاخيرة في القطاع خرجت مظاهرات عديدة تطالب مصر بفتح المعبر كما طالبت قيادات ايرانية ولبنانية بالا تتنصل مصر من مسئوليتها.
قانونيا
الحديث حول معبر رفح في القانون الدولي يحتم علينا النظر الي معرفة وضيعته القانونية في ضوء المباديء القانونية الدولية العامة التي يجب علي سلطات الاحتلال الالتزام بها.
تنص المادة 42 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 على ما يلي : " تعتبر أرض محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو.. ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي أقيمت فيها مثل هذه السلطة ويمكن أن تمارس فيها".
ويحظر القانون الدولي النقل الجبري الجماعي أو الفردي للسكان داخل الأراضي المحتلة أو خارجها كما تحظر العقوبات الجماعية.
ولا يجوز، في أية حال، الاستيلاء (من قبل سلطات الاحتلال) على الأغذية والإمدادات الطبية لحاجة قوات الاحتلال وأفراد الإدارة إلا إذا روعيت احتياجات السكان المدنيين.
وفي ضوء سيطرة اسرائيل برا وجوا وبحرا علي قطاع غزة يصبح معبر رفح محتلا وتصبح معه كل اجراءات فرض الحصار بمختلف اشكاله غير قاونية لانها تعيق الامدادات الطبية والغذائية.
كما ان قواعد القانون الدولي تلزم مصر بفتح المعبر حتى لو كانت هناك اتفاقيات سياسية تمنعها من ذلك، حيث اصبح إغلاقه حاليا يمثل مشاركة في حصار على مدنيين ويمكنك الاستعانة بهذا الجزء
يقول الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق أستاذ القانون الدولي إن "القاهرة تنتهك اتفاقيات جنيف بإغلاقها معبر رفح الحدودي مع غزة، واعتبر أن إغلاقه يعكس موقفا سياسيا لا قانونيا".
ويحذر الأشعل من حرب أهلية فلسطينية تتورط فيها مصر فى حال إسقاط حكم حماس وتمكين فتح بالقوة الإسرائيلية.
ويقول إن مصر انتهكت الاتفاقية ثلاث مرات، الأولى بامتناعها عن فك الحصار عن الفلسطينيين لتكون قد ساعدت طرفا دوليا هو إسرائيل على تهديد حياة مدنيين أبرياء، بما يتناقض مع بنود الاتفاقية التي تلزمها بالتصدي لأي طرف دولي ينتهكها.
أما الانتهاك الثاني كما يقول الأشعل فيتمثل فى مباشرة (القاهرة) لفعل الانتهاك، متمثلا في تقاعسها عن نجدة طرف دولي وقع عليه الانتهاك، وأخيرا بالتنصل من مسؤولياتها إزاء "إقليم حبيس" لا يملك منفذا غير الأراضي المصرية."
كما ان مصر ليست طرفا في اتفاقية تشغيل المعبر التي وقعت بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية والاتحاد الاوروبي وانها ليست ملزمة بتطبيقها.
وان فتح المعبر لا يعني بالتبعية اجتياح الفلسطينين للحدود مع مصر فالاجتياح حدث عندما اغلق المعبر لكن اذا فتح بصورة طبيعية سيخفف من الاحتقان في غزة كما انه سيعطي مصر قدرة اكبر على التحكم في حدودا بدلا من الانفاق ومحاولات التسلل.
موقف مصر
تتذرع القاهرة بهذه المباديء القانونية اذ ورد علي لسان الرئيس مبارك "كيف يمكن عبور المعبر الى الجانب الآخر، فيقولون إنها أرض فلسطين .. ولكنها حقيقة أرض محتلة، والمحتل هو الذى يسيطر عليها ويتحكم فى حركة الدخول والخروج".
وأضاف "إسرائيل مسئولة عن تأمين جميع حدودها بما فيها حدودها مع الأرض المحتلة،أى من الشمال إلى الشرق إلى الجنوب مع حدود مصر إلى البحر أمام غزة، هذه كلها مسئولية إسرائيلية ، مسئولية تأمين إسرائيل وتأمين حدودها ".
ولفت الي ان "هناك معبرا عند الاردن، وهناك بوابة أردنية وبوابة إسرائيلية، وطالما داخل فى الأرض المحتلة أو أرض إسرائيل لابد إسرائيل تشوف إيه اللي داخل، هل داخل أسلحة أو ذخائر أو ممنوعات ، وهذا فى الأردن وكل المعابر هكذا".
ولا شك ان الهدف مما سبق الي جانب الهدف من توضيح الموقف الرسمي من فتح المعابر هو ايصال رسالة مفادها ان مصر ليست وحدها التي تمتلك معابر تستطيع اسرائيل التحكم فيها.
والقاهرة التي نادرا ما تتخذ خطوات مخالفة للوضع الاقليمي والدولي تتذرع بالتمسك بالاطار القانوني للمعبر وقالت علي لسان وزير الخارجية "يجب الحفاظ على الأرض الفلسطينية وبأكبر قدر من التشدد والتمسك بالاطار القانونى حتى ولو كان هناك استمرار فى القصف".
لا شك ان القاهرة تضع في الاعتبار اكثر من جانب للقضية وتنطلق من موقفا عاما تجاه القضية وتجاه الوضع الاقليمي يقوم اولا علي مصلحتها الاستراتيجة وهي بدورها مبنية علي تأمين حدودها وضرورة حدوث استقرار في المنطقة باسرها.
كما انها تضع في الاعتبار التزاماتها مع اسرائيل وما يتطلبه ذلك من ازكاء فرص السلام والعمل علي الوقوف الي جانب الفريق الفلسطيني الذي يستطيع التفاوض والحديث مع الاسرائيلين.
كما انها تعمل علي تنسيق العلاقات الاستراتيجية بل والاقتصادية ايضا مع الدولة العبرية وبما يخدم كذلك مصالحها الداخلية من عدم الدخول في مواجهة عسكرية تؤثر علي "الاستقرار" الذي استمر لعقود.
كما ان القاهرة لا ترغب في منح الشرعية لحكومة حماس في غزة من خلال فتح المعبر الذي سيجعل الحياة في القطاع تسير بصورة طبيعية وهو ما سيضعف سلطة محمود عباس في رام الله.
وانطلاقا من هذه الاعتبارات لا يمكن بأي حال من الأحوال ان تقبل القاهرة بشرعية لحماس في غزة وفي اي مكان في ضوء مشكلتها مع اسرائيل وكذلك باعتبارها حركة اسلامية لا تقبل مصر بوجود تاثير لها خاصة انها منبثقة من جماعة الاخوان التي لن تسمح القاهرة بحصولها علي مكاسب اكثر مما حصلت عليه.
والقاهرة التي لا ترغب ولو نظريا في وجود حماس بغزة ، ستشعر بالارتياح اذا اسفرت العمليات العسكرية في القطاع عن انهاء سلطة حماس هناك وعودة السلطة، او عودة الحركة الي التهدئة والدخول في حوار جديد مع رام الله اذا لم يتحقق السيناريو الاول.
ولذلك فانها تطالب دائما بعودة السلطة الي القطاع والالتزام بالاتفاقية الدولية حول المعبر وبالتالي يتضح موقفها من اغلاق المعبر الذي تطالب حماس بفتحه للابد وهو ما يعني الاعتراف بشرعية الحركة من جانب القاهرة وهو ما ترفضه والذي قال وزير الخارجية انه" المفتاح الذى سيعطى الاعتراف لحماس".
القاهرة من جانبها تخشي من وضع كارثي اذا تدفق الفلسطينيين في سيناء مرة اخري وربما لا تستطيع التحكم في الاوضاع حينئذ وربما بذلك تكون اسرائيل التي لا تقبل بحدود يونيو 1967 وتخشي علي طابعها الديموجرافي تكون قد تخلصت من الفلسطينيين في غزة.
وتتذرع بأن اي دولة تكون حريصة علي تأمين حدودها بالشكل الكافي لا يمكنها ان تترك المجال مفتوحا لدخول وخروج شعب يعيش في صراع مع دولة اخري علي حدودها وهو ما يتسبب في احداث خطر هائل علي امنها القومي.
التشبث بالوضع القانوني من جانب القاهرة يتضمن ان اسرائيل سلطة احتلال ولا يمكن ان تترك سلطة احتلال معبرا مهما كمعبر رفح دون رقابة من جانبها ناهيك عن فرضها لحصار من اجل تضييق الخناق علي حماس وعلي الفلسطينيين.
وهذا التثبث بالموقف القانوني ليس بغريب عي مصر التي دائما ما تتسم سياستها الخارجية بالتوافق مع الوضع الاقليمي والدولي وما يمليه عليها من اتفاقات حتي لو تسبب لها ذلك في الشعور بالحرج.
ولكن لا يمكن كذلك اغفال الاعتبارات الاخري ولا يضيرها ان تتمسك باطار قانوني في الواجهة يدعم موقفها.

No comments: