اخبار الفن

اخبار الحوادث

Wednesday, December 17, 2008

مفرمة الوجوه الجديدة في السينما المصرية .. فيلم واتنين واقلب!


أحد أبرز ملامح سينا عام 2008 هي بالتأكيد أفلام الوجوه الجديدة التي انهمرت علينا منذ النجاح الكبير الذي حققه فيلم "أوقات فراغ" من إنتاج "حسين القلا" وإخراج "محمد مصطفى". وأفرزت الموجة الجديدة عدداً لا بأس به من الأفلام التي عرضت هذا العام وفي العام الماضي معظمها - مع الأسف - يتصف بالضعف خصوصاً في عنصر التمثيل، وظاهرة سينما الوجوه الجديدة هذه المرة تختلف تماماً عما كان يحدث في الماضي مما يجعل من الضروري أن نتوقف لنرصد ونحلل لأن الأمور فيما يبدو تتجه إلى الأسوأ كما شاهدنا في "بنات وموتسيكلات" و "كامب" و"أيامنا الجاية" مما يعني أن سينما الفرصة يمكن ببساطة أن تتحول إلى سينما الكارثة كعادتنا دائماً في تحويل الأفكار الجيدة إلى مصائب بدوافع تجارية قصيرة النظر.
والملاحظة الأولى الجديرة بالذكر هي أن الضعف الشديد في عنصر التمثيل لم يكن واضحاً بهذه الدرجة في تجارب السنة الماضية وإن كان ضرورياً في بعض الحالات تدريب الممثلين الجدد بصورة أفضل، وفي أعمال مثل " علاقات خاصة" و "استغماية" كنت تجد عدم قدرة على التحكم في الصوت أو عدم ضبط التعبير المناسب للحوار.
ولكنك كنت تجد مواهب مبشرة مثل "أحمد فلوكس" و "آية محمود حميدة" بل إن نجوم فيلم "الماجيك" كانوا أفضل بكثير من فيلمهم الأول "أوقات فراغ" وحتى في الأفلام التي عرضت في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير مثل "بلد البنات" و"ع الهوا" كانت هناك وجوه مبشرة مثل "فرح يوسف" والتونسية "سمية الجويني" في الفيلم الأول.
ولكن سينما 2008 شهدت وجوها لا أظن أن الكثير منها يصلح أصلا للتمثيل، كما شهدت ضعفا شاملاً في توجيه الممثلين لدرجة أنك تشك أحياناً في وجود مخرج من الأساس، ولم يفلت من هذا الضعف سوى القادمين من تجارب تليفزيونية مثل "أحمد فلوكس" و "دنيا سمير غانم" في "شارع 18"، والغريب أن وجوها ظهرت في أفلام سابقة في أدوار مساعدة كانت تؤدى بصورة رديئة للغاية عندما حصلت على البطولة مثل "صالح عبد النبي" الذي كان أفضل حالاً (نسبياً) عندما أدى دوراً مساعداً في فيلم "فتح عينيك" أمام "مصطفى شعبان" وأخرج هذا الفيلم "عثمان أبو لبن".
والملاحظة الثانية هي أن أفلام الوجوه الجديدة في بداية الألفية الثالثة تتميز بأنها تشمل أحياناً كل عناصر الفيلم السينمائي من إخراج إلى تصوير ومونتاج وديكور...إلخ، ولا بأس من ذلك من حيث المبدأ، ولكن المسألة ترتبط فيما يبدو بالعنصر الاقتصادي والتجاري الذي يجعل اللجوء إلى أسماء جديدة نوعا من التوفير بصرف النظر عن مستوى النتيجة.
والملاحظة تحديداً على الأسماء التي تخرج لأول مرة أنهم إما أن خبرتهم لا تسعفهم في إدارة الممثلين الجدد، أو أنهم يهتمون أولا وأخيراً بتقديم صورة مبهرة بدلا من الاهتمام بتقديم دراما جيدة التنفيذ، وفي الحالتين يتحول الأداء إلى ما يقترب من المسرحيات المدرسية التي كنا نشاهدها زمان.
وإذا كنا نصفق لزملائنا بعد إغلاق الستارة كنوع من التشجيع، إلا أننا لا نستطيع أن نفعل ذلك مع أفلام الشباب ببساطة لأن أفلامهم تعرض كأفلام محترفين، ويدفع فيها الجمهور نفس أثمان تذاكر كبار النجوم، ولذلك لابد أن تخضع لنفس المعيار الذي تقيم به الأفلام الأخرى، والمتفرج المسكين لا يعنيه أن هذا الشاب يمثل لأول مرة وإنما يعنيه أن يستمتع وأن يصدق ما يراه، و ألا تضيع أعماله وأوقاته في أعمال ينقصها النضج.
والملاحظة الثالثة هي أنه لا يوجد معيار تقريبا لاختيار الوجوه الجديدة أو إسناد البطولات لها، وعلى سبيل المثال فقد شارك شاب هو "أيمن الرفاعي" في بطولة فيلم "كامب" وكان أداؤه ضعيفاً خاصة عندما يرتفع صوته، و لا ندري تحديداً لماذا تم اختياره في فيلم يقوم على تجسيد انفعالات صعبة كالخوف والرعب.
ولعل أحد أغرب وأعجب طرق اختيار الممثلين لأول مرة ما فعله المخرج "أحد عاطف" في فيلم "الغابة" الذي شاهدته في مهرجان القاهرة خلال العام الماضي حيث اختار مجموعة من أطفال شوارع معتقداً أن ذلك يكفي لكي يصدقهم الجمهور، ولأن هؤلاء المساكين لا علاقة لهم بالتمثيل، ولا توجد لديهم موهبة جاءت النتيجة كارثية.
وللمقارنة بين معايير اختيار الوجوه الجديدة والدفع بها إلى البطولات لن نكرر حكاية "رمسيس نجيب" وعملية الإعداد الطويلة التي كان يقوم بها قبل ظهور بطلاته، ولكننا سنشير – بصفة عامة - إلى أنه كان يميل إلى مدرسة البطلة الجميلة والبطل الوسيم مع وجود الحد الأدنى بالطبع من الموهبة وبهذا المعيار البسيط ولد نجوم مثل "محمود عبد العزيز" و "نجلاء فتحي".
وفي مرحلة تالية تطور المعيار مع مخرجي الواقعية الجديدة إلى نجوم يشبهون الناس العاديين من طراز وموهبة "أحمد زكي" و "يحي الفخراني"، أما في بعض الأفلام الجديدة فالأرجح أنه لا توجد أي معايير حيث تغيب أحيانا الوجوه الجميلة والموهبة معاً، ويبدو الأمر أحياناً كما لو أنه يتم تحت شعار: "هاي شلة ... يالا نعمل فيلم"، والمشكلة هنا أن هذه الطريقة كفيلة بحرق مواهب كان يمكن أن يكون لديها مستقبل أفضل لو بدأت في أعمال جيدة الصنع تقوم بدرجة معقولة من الجدية.
والملاحظة الرابعة في أفلام الوجوه الجديدة هي غموض المصادر التي يعتمد عليها المنتجون في اكتشاف الممثلين والممثلات ويقال –والله أعلم- أن أغلب هؤلاء انخرطوا في ورش لإعداد الممثل، ولكن النتيجة التي نراها تشكك أحياناً في صحة ذلك أو تشكك في مستوى الدورات التمثيلية التي حصلوا عليها أو في مدى كفايتها للقيام ببطولة فيلم، وللمقارنة أيضاً فإن طريقة اختيار المخرجين للوجوه الجديدة كانت تعتمد على الذهاب إلى معهد الفنون المسرحية لمشاهدة مسرحيات التخرج، أو متابعة الأعمال الدرامية التليفزيونية.
ومن الوجوه التي جاءت إلى السينما من المسرح "عادل إمام" و "محمود ياسين"، ومن الوجوه التي جاءت إلى السينما من التليفزيون "نور الشريف" و "يحي الفخراني".
وأتذكر من سنوات الدراسة الجامعية أن يوسف شاهين حضر إلى مسرح جامعة القاهرة لمشاهدة مسرحية "المجانين"، ومن هذه المسرحية أخذ "محمد هنيدي" و "عمرو عبد الجليل" للمشاركة في بطولة فيلم "إسكندرية كمان وكمان"، ويعني كل ذلك أن الوجه الجديد عندما يظهر على الشاشة لا يكون جديداً تماما وإنما يكون محملا بخبرات سابقة تليفزيونية أو مسرحية تجعل لديه الحد الأدنى من القدرة على التعامل مع الدراما السينمائية.
وكل الأجيال السابقة مباشرة والتي صنعت ثورة السينما لم تحصل على البطولة المطلقة إلا بعد أدوار صغيرة كثيرة في التليفزيون والمسرح والسينما أيضاً، وهذا ما حدث مع المجموعة التي قامت ببطولة فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية" مثل "محمد هنيدي" و "هاني رمزي" و "فتحي عبد الوهاب" و "منى زكي"، وهو أيضاً ما حدث مع أبطال فيلم "فيلم ثقافي" الثلاثة "فتحي عبد الوهاب" و"أحمد رزق" و"أحمد عيد" والذين استمروا لأنهم بدأوا الطريق من أوله وخطوة خطوة وبتراكم الخبرات تحقق النضج لمواهبهم الواضحة.
والملاحظة الخامسة هي أن اللوم الأساسي في ضعف مستوى أفلام الوجوه الجديدة يعود الى اعتقدهم بأن مجرد الظهور في فيلم سينمائي يفتح أمامهم فرصة للانتشار والصعود فما بالك بإسناد دور البطولة له.
ولكنك يجب أن تحاسب المنتج الذي لا يفهم من الإنتاج سوى أن يسترد نقوده في أسرع وقت والذي لا يعرف أن الإنتاج هو بالأساس فن توظيف العناصر الفنية لتقديم سلعة جيدة والمنتج الذكي ليس الذي ينفق أمواله ببذخ ولكنه الذي ينفق المال الكافي لكي يكون كل عنصر في أفضل صورة وبهذا المنطق قد يكون اللجوء إلى الممثل الأكثر احترافا هو الخيار الأذكى حتى لو حصل على أموال أكثر لأنه -في النهاية- سيقدم لك نتيجة أفضل على الشاشة.
ومن بين أعمال هذا العام هناك أفلام لها سيناريوهات معقولة ولكن إسناد بطولتها إلى وجوه تفقد الموهبة أو التدريب قلل من مستواها مثل فيلم "ورقة شفرة" وقد وضح الفارق بين الوجوه الهواة "أحمد فهمي" و "هشام ماجد" و"شيكو" و الوجه الأكثر خبرة واحترافاً "أحمد الفيشاوي" في المشاهد التي جمعت الطرفين معاً رغم أن "الفيشاوي" مازال أيضا في بداية الطريق والمعني أن الموهبة لا تغني عن التدريب والخبرة وتنوع التجارب حتى لو كان الممثل يخطو خطواته الأولى.

No comments: